ميمات الإنترنت في منصات التواصل الإيرانية: مقاربة في ضوء المزج المفاهيمي

في ظل الثورة المعلوماتية الرقمية غير المسبوقة التي يشهدها عالمنا اليوم، وما تبعها بالضرورة من ظهور دراسات معرفية جديدة، أبرزها دراسات تتناول وجهة النظر^([1])، أو اتخاذ الموقف التي تعنى بقدرة البشر على التحول بين وجهات النظر جنبًا إلى جنب مع مجموعة من الظواهر السيميائية، والسياقية التي تتمثل في إيماءات الكلام المشترك، وتفسير النصوص، واكتساب اللغة، والحركة الخيالية، وتمارين المحاكاة؛ تأتي فكرة تناول ميمات الإنترنت، أو الميمز في منصات التواصل الإيرانية، كواحدة من من ظواهر الدلالة المعرفية التي تنتشر في هذه المنصات، ويتناقلها أفراد المجتمع بكثرة فيما بينهم. فإلى جانب أن هذه الظاهرة مادة لغوية اتصالية تبدو في ظاهرها مصدرًا للفكاهة والسخرية، إلا أنها استطاعت أن تحتل مكانة لغوية ومعرفية تلعب دورًا لا يستهان به في صياغة أطر مفاهيمية جديدة خاصة بشريحة الشباب وصغار السن؛ تستميلهم للتعبير عن وجهات نظرهم. وتتمثل هذه الأطر المفاهيمية في إعادة بناء الأفكار والعواطف والقوالب النمطية من خلال تسخير مساحات خطابية متنوعة. ويرتكز الإطار النظري لهذه الدراسة على فرضية المزج المفاهيمي^([2])، أو الفضاءات الذهنية التي طورها الفرنسي »جيل فوكونير^([3])«، والأمريكي »مارك تورنر^([4])«.أما جوهر هذه الدراسة، فيتمثل في مفهوم مساحة وجهة نظر الخطاب الذي يبدو في في كل ميم، مسلطًا الضوء على أهمية خلق البناء وإطاره المفاهيمي. وبعد رصد بعض من هذه الميمات، وتحليل محتواها، وكشف مضامينها، انتهت الدراسة إلى إلى القول بأن المكون البصري هو الدافع الرئيس لتشكيل المحتوى، أما الجمل الظرفية، والسببية، والشرط التي يتم تقديمها من خلال الكلام المباشر الخيالي؛ فتؤدي أدورًا إنشائية.كذلك تستمد المساحات المخصصة لبناء العبارات والصور من خلفيات ثقافية مشتركة بين المرسل والمتلقي، لتلعب هذه الخلفيات دورًا حاسمًا في تشكيل المعنى؛ بما في ذلك الأفكار والعواطف والقوالب النمطية، سواء كانت خطابية، أو نصية، أو مجازية.
 
[1]- Viewpoint.
 
[2]- The conceptual blending theory.
[3]- Fauconnier.
[4]- Mark Turner.